http://www.histats.com/viewstats/?redir=1


الجمعة، يونيو 24، 2011

الارض بيت الياسمين


الياس لحود 

مهرجان الأخضر العربي

الارض بيت الياسمين

الأرض بيت الياسمين...

الأرض بيت المال... قالوا،قال جدّي: الأرض بيت الجسم أطرب ما يدفّئهإذا دنت النهايةوالشموخ أبيضّ في أعلى الجبين...و«زهات» أسدلت السنين على خزامى شعرهاوعلى ندى «مرج العيون»وسنديان الوعر أطلق غيمتين جديلتين على قراميد الخياموحور «بنت جبيل» لوّح من بعيد بالجنوبوغراب وادي الضيم خطّ على الخيام/وساب «شكر الله»ضحكته القتيلة في وجوه الناساضطرّ جدّي أن «يبيع» الأرضباع حنينه وبكىبكته الهندباء. وديك وادي التّيم أطلق بوقهالمكسور في تيه البلاغةأه ما أقساك ردّدت الصخوروكلّ ربعة سوسن غنّت:
«جبينك كرم عاج»وحين صارت كلّ ذرّة عنفوان أخضر من جسمه كانون جمرعادت الأرض الحبيبة في الطريق إلى صباه...الأرض بنت الياسمينالأرض صالون الفضاءمشيد بصدورنا ومدجّج بالعاشقيندفّئ يديك بصدرهاخمسون بل ستون أرض صباكمدماك من السنوات جسمكفجرك العربيّ وجهك مزهر بالميّتين ومترع بالطيّبين..خمسون بل عشرون عمر صباكصخر صباك من حرمون من واد إلى جبل هدير رغيفك العربيّصوت صريرك المحفور في كفّيك ألف عراك...



الأرض بيت المال قالوا؟!
يعمّرنا بعيد أخضر... أو عرس يوم واحد طول الحياة
قال جدّي: «الأرض بيت الخبز نبنيه فيأبى أن
نشقى... ولكنّا كنملات الجنوب على مطلات الجباه
بكل درب مزهرون
مشيّدون بألف عيد من ضنى وبألف عرس من أنين..
ونسير..
أو سرنا إلى أن أصبح القمح الفلانيّ المطاحن والقرى/الخبز الفلانيّ
البلاد وما عليها من رجال... أو جبال». 


  
شهقت فساتين النساء مزغردات
حين طلّ الأشبهيّ على أكفّ الأمّهات..
ألقوا على حانوت بطرس دمعتين
وكاد أحمد أن يكون جريدة من أذرع أو ضفّتين من الحجار...
الأرض بيت النار
بندقية جارنا عباس
تغمزه أذا لمعت غمامه
الأرض مملكة القيامة
الجسم بيت لا يكف عن المسير..
قال جدي يا ذكي إذن الأرض جسمك
لا يضاع ولا يباع/الأرض خبزك...
أنت خبز الأرض للشهداء/من عرق جبينك
أنت من عرق الجبين...
وغمرت دفء تراب جدّي مثل تفّاح تصدّى
ووقفت وحدي
بين كفّ الأفق والريحان
أقطف قبلة من ثغر «يولا»
(يولا الجميلة في جواربها الخجولة/يولا التي قتلوا أباها مرتين
واللّوز يشهق باسمها
وبكلّ لحظة زيزفون لاهث قتلوا براعم جسمها الملك الحزين)
الأرض بيت المال؟؟ والدنيا يهود... أو نصارى
في اشتداد البورصة العمياء داروا.. أو خطايا مسلمين؟
الأرض كوخ الشعب متروس بدمع الناس
مبنيّ بخبز الكادحين
فال جدّي... 







قام «شكر الله» والأموات ساروا خلفه مترجّلين على الدروب
ما بين قلبي والجنوب
عاشقت أرضي
كلّ حين بلدتين من الصبايا
بين «بنت جبيل» تقطف تبغهنّ عن الشفاه
وصوت «مرجعيون» تنده: «يا معين»
وغمرت وجهي
كلّ هذا الأخضر العربيّ مات
مات جدّي
مات في تشرين واكتسحت جنازته البراعم زغردت
والرعد عمّر في التراب قصائداً ومقاومين...
«مات جدي
سار في تشييعه جمع صغير
وحملناه على نعش حقير
ودفناه فقير
هكذا تغمر موتانا الحتوف»
قال جدّي... قال لا تنس الحكاية
وارتدى جبلاً من الأوجاع/باع وما ارتضى...
صدّقت قلبي
لا مفرّ من الحكاية:
كان يا ما كان
كان الناس يحترفون في أقصى جنوب الأرض أرضاً من لهب
وحكايا
عمرها دمع العرب
وخطايا شيّدت فوق الخطايا...
جبل من كفّ يافا شاهر خيل الضحى حتى حلب
صاح جدّي من حجار القبر غنّى وارتدى من أرضها
عشرين صخراً أخضراً:
«أوصيك يا ابني» مهجتي هذا التراب...
والأرض بيت النار
سمّاها المتيّم في هواها «ياسمين»
وياسمين أميرة يبدو الفراش ببيتها نحلا
يعمّر جسمها عرياً ورمّاناً حزين
والجسم بيت النار جدي صاح وهو يعابث القدمين
بيت لا يكفّ عن المسير
مشيّد.. كيف اتجهت مشى
في الباب..
في درف الشبابيك القرى
والناس يمتشقون خبزاً/ثم يحترفون خبز الآه
«يا ابني» الأرض فصح يديك/«يا ابني»
الأرض بيت الخبز مبنيّ بلحم الصامدين
والخبز؟
أجساد إذا بيدرتها اعتمرت عباءات البيادر والسفوح
وعمّرت قمماً من الأبطال
أولها ابتداء الأخضر العربيّ آخرها جروح الأربعين...
صدّقت جدي
لا مفرّ من النهاية
كان يا ما كان...
قرب بيتي بيت يولا
(يولا الجميلة في قميص النوم/يولا وسطهنّ ورقصة من عاشقات)
كان يا ما كان:
بيت الجسم. بيت القمح.. بيت الأصفر الذهبيّ... بيت النار
عشنا في جنوب الأرض نزرع أخضراً ونلفّه بجروحنا
ونقول يوماً سوف يطلع...
كنّا... ونزرع أحمراً في ظلّه ونقول يوماً سوف يطلع... هكذا
كنا... ويكبر كلّ شيء في المقالع/
كان يا ما كان
كان الأسود العربيّ مبذوراً أناشيداً وأضرحة...
وكان الأحمر المزروع حبّاً في التراب يؤوب من جدّي إلى أقصى الخليقة ثمّ يبتكر القيامه
كان كلّ الصخر... كلّ الرعد في حرمون يصغي قرب بيت فوق قلبي
حين صاح الأخضر العربيّ: هبيّ
«برعمت رعداً وشتّت صامدين
نبتوا من دمه نصراً مبين
بعثوا من كلّ صوب أمّة
أطلقت في البوح أرض الياسمين»
هذه الأبيات صارت
قالها جدّي لجدّي من سنين... 

ليست هناك تعليقات: